سمو الأمير كرّمه ومنحه وسام الكويت ... وألقى محاضرة بالمسجد الكبير
شيخ الأزهر: اقترح أن تخصص الكويت عام 2016 لثقافة الحوار.. تأصيلاً وتطبيقاً
· الأزهر قلعة الوسطية ومركز الاعتدال في العالم
· ضرورة أن يمتلك العرب والمسلمون إعلاماً لإيصال رسالة الإسلام الحنيف
· لابد من العودة بالخلافات الحساسة إلى أروقة الدرس ومجالس العلماء المتخصصة
· نحن قصرنا في توعية الغرب بأيادي المسلمين البيضاء على أوروبا
· الأديان السماوية ليست إلا رسالة سلام إلى البشر
· لابد من العمل على حماية الشباب من خطر التطرف من خلال إرادة عالمية للتصدي لهذا الوباء
· الواجب على العلماء التصدي بفتاوى صريحة وواضحة ضد العابثين بتراث الأمة ومقدساتها ورموزها
أعرب الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف عن جزيل شكره وامتنانه لدولة الكويت، أميراً وحكومةً وشعباً، على تكريمه، و مَنْح حضرة صاحب السمو له وسام الكويت ذي الوشاح من الدرجة الممتازة، باعتباره شخصية احتفالية الكويت عاصمة للثقافة الإسلامية 2016 ، وعلى ما لقيه من حسن الوفادة وكرم الضيافة، مهنئاً الكويت على ريادتها في نشر الثقافة والعلم.
واقترح الطيب أن تُخَصِّصَ الكويت 2016 عاماً لثقافة الحوار تأصيلاً وتطبيقاً، حتى تفوز بلَقَبيّ عاصمة الثقافة الإسلامية وعاصمة الحوار العربي والإسلامي، بعد أن كَرَّمَها حضرة صاحب السمو بجعلها مركزاً للعمل الإنساني.
وأكد حرص منهج الأزهر التعليمي على أن يرسخ في عقول الطلاب ووُجدانِهم صورةَ الوجهِ الحقيقي للإسلام، كما يُرسخ في ذهن الطالب الأزهري، مبدأ الحوار وشرعية الاختلاف، مشيراً إلى أن الهجوم على الأزهر يأتي لأنه قوة ناعمة كبيرة جدا للمسلمين، والعالم العربي، ولمصر، وبما أن المطلوب هو العبث بالمنطقة وبمصر، حتى بعد صمودها، فقد رأوا أن الأزهر هو أحد مداخل ذلك العبث.
وشدد الطيب على ضَرُورَة العودة بالخلافات الحسَّاسة من شاشات الفضائيات إلى أروقة الدروس ومجالِس العلماء المتخصِّصة، صيانةً لهذه المسائل الخلافية العِلميَّة الدقيقَة من أنْ تصبح في متناول من لا يملكون أدوات بحثها.
وقال الدكتور أحمد الطيب أنه ضد أي عمل يؤدي إلى إسالة دم أي عربي سواء كان مسلما أو غير مسلم، ومشدداً على أنه إذا كان أي تجمع سيؤدي إلى مواجهة واقتتال وإسالة للدماء فنحن مع منعه من الجذور.
وتابع أننا نحتاج إلى تجديد الخطاب الديني و نحتاج أيضا إلى تجديد الخطاب الإعلامي وكذلك الخطاب الثقافي والحضاري، كل هذه الخطابات لابد أن تعمل مع بعضها البعض مؤكداً ضرورة أن يمتلك العرب والمسلمون إعلاما يستهدف المواطن الغربي، ويساهم في إيصال رسالة الإسلام السمح الحنيف الذي يحترم الأديان الأخرى، حتى وإن اختلف معها، كما أنه لا يُكِره أحدا على الدخول فيه، موضحاً: أن الإسلام لم ينتشر بالسلاح أبدا لأن ثقافتنا تقوم على غير ذلك، كما أن الناس أنفسهم كانوا يرحبون بالفتوحات الإسلامية لتنقذهم من الظلم، ولكننا قصَّرنا في توعية الناس في الغرب بهذا الدين وفي التذكير بأيادي المسلمين البيضاء علي أوروبا في فترة الفتوحات في أسبانيا.
وأوضح إن التطرف استغل الخلفية الثقافية والفكرية الضعيفة لدى بعض الشباب المسلم واستطاع أن يغزوهم ويستغل بعض التحديات الموجودة في نفوسهم فأوقعهم في براثن الفكر المتشدد والتنظيمات المتطرفة التي رفعت علينا السلاح مؤخرا.
الصراع المذهبي
وفيما يتعلق برأي الأزهر تجاه الصراع المذهبي في العالم الإسلامي حاليا وتبعاته، ذكر الطيب إننا لدينا مقومات الوحدة، ولدينا أيضا أمراض الفرقة، حيث أن الاتحاد الأوربي يتحدث لغات مختلفة ويؤمن بعقائد مختلفة وهناك عداوات تاريخية بين بعض بلدانه، ومع ذلك لديهم اتفاق عام، أما نحن من طنجة إلى الخليج نتكلم لغة واحدة، وأصلنا واحد، ولكن السمة العامة هي الميل إلى التجزئة والانكفاء، معربا عن اعتقاده أن الدين استخدم في السياسة للتفرقة بين المسلمين على مستوى العالم العربي، فساد التنافر والتناحر والتمزيق رغم أن ديننا يدعو إلى الوحدة {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } الأنفال:46.
وقال: إن الأزهر الشريف هو قلعة الوسطية ومركز الاعتدال في العالم منذ نشأته عام 972 ويعد مدرسة لنشر علوم أهل السنة ومنبرًا للانفتاح على كل المذاهب والطوائف لأكثر من 1050 عاماً، مضيفاً إن الأزهر جامعة تحتوي على 67 كلية ومدرسة لجميع المراحل الدراسية، وتضم 400 ألف طالب وطالبة منهم ما يقارب 40 ألف وافدين من أكثر من 110 دول.
وأفاد: إن الأزهر يتبنى منهجاً منفتحاً وتعددياً، فلكل طالب حرية اختيار المذهب الذي يريد دراسته، وهذه الروح جعلت الأزهر لا يُقصي ولا يُكفر ولا يُبعد أحدًا، ما ألقى بأثره على مصر كلها، إذ تجاورت المذاهب الأربعة في الأزهر لتتجاور في مصر كلها، موضحًا: الأزهر مصري جغرافيا، لكن علمياً فهو عالمي بلا شك.
وطالب بأن يكون هناك تعليم عام مشابه للتعليم الأزهري، يُعْنَى بتوضيح أن الإسلام الصحيح هو دين الرحمة والعدل والمساواة بين الناس، حتى نضمن ابتعاد قاعدة عريضة من الشباب العربي عن التطرف، مؤكدا أن الأديان السماوية ليست إلا رسالة سلام إلى البشر، وعلينا أن نعلم جميعا أن الإسلام لا يبيح للمسلمين أن يشهروا السلاح، إلا في حالة واحدة هي دفع العدوان عن النفس والأرض والوطن، وتلك الجماعات المسلحة، أياً كان اسمها وأيا كانت اللافتة التي ترفعها، لا تعبر عن روح الإسلام وصحيح الدين، والأزهر الشريف بذل، ولا يزال يبذل جهوداً كبيرة من أجل نشر السلام والمحبة والصورة الحقيقية لديننا الحنيف.
وزاد الطيب أستطيع أن أُعدد قادة الفكر المتطرف الذين تخرجوا من جامعات أخرى غير الأزهر، في حين أن الأزهر لم يخرج قائداً واحداً من قادة الفكر الإرهابي على مدى أكثر من ألف سنة، فمناهج الأزهر لا يمكن أن تُخرج متطرفاً، لأننا نقبل بكل المذاهب.
مواجهة التطرف
وحول سبل مواجهة الأفكار المتطرفة، أكد أن الإرهاب لم يعد يقتصر على منطقتنا العربية بل تعداها إلى العالم كله، ما يستوجب مواجهته مواجهة شاملة، ليست أمنية فحسب، بل لابد من العمل على حماية الشباب من خطر التطرف، لذلك لابد أن تكون هناك إرادة عالمية جادة للتصدي لهذا الوباء المدمر، مشيراً إلى أن الصراعات في المنطقة متعددة ولا يمكن حصرها في سبب واحد، فطابع المصالح الخاصة طغى كثيرا عليها، مضيفاً: إن منطقتنا العربية تمر الآن ومنذ خمس سنوات بظروف غاية في الصعوبة وفقدان السلام، لذلك فقد ساهمت في إنشاء مجلس حكماء المسلمين لنشر السلام في العالم، وذلك إلى جانب دورنا في الأزهر الشريف في هذا الشأن.
وشدد فضيلة الإمام الأكبر على ضرورة تصدي العلماء بفتاوى صريحة وواضحة للعابثين بتراث الأمة ومقدساتها ورموزها، والتبرؤ المعلن من كل ما يعكر صفو علاقات الأخوة من أجل حسابات أيديولوجية فئوية وسياسية داخلية أو خارجية، والعمل الجاد للقضاء على ثقافة العنصرية والتمييز العرقي، والرغبة المحمومة في الاستحواذ والإقصاء، والتربص والكيد، مؤكدا حرص الأزهر على ترسيخ الصورة الحقيقة للإسلام لدى الأجيال الجديدة وتعزيز منهج الوسطية في وجدانهم ، التي هي أخص خصائص هذا الدين القيم، إذ إن منهج الأزهر لا يقتصر على ترسيخ مبدأ الحوار وشرعية الاختلاف واحترام الرأي الآخر لدى المسلمين فحسب، بل يعمل أيضاً على ترسيخ المبدأ ذاته في أذهان الدارسين فيما يتعلق بعلاقة الإسلام بالأديان السماوية لافتاً إلى دور الأزهر في محاربة الجمود والتعصب اللذين هما أساس النزاع والفرقة بين المسلمين.